top of page

 

سلوة الأنفاس و محادثة الأكياس بمن أقبر من العلماء 

والصلحاء بفاس ،محمد بن جعفر بن ادريس الكتاني 

 

     و منهم الشيخ الإمام ، شيخ الإسلام ، عالم الأعلام ، ومفتي الأنام ، محي الدين و السنة ، و نجم الأمة ، الفقيه المعقولي ، المحدث الأصولي ، أبو العباس سيدي أحمد بن علي بن عبد الرحمان بن عبد الله المنجور المكناسي النجار، الفاسي الدار و المولد والقرار ، خاتمة علماء المغرب وشيخ الجماعة فيه في جميع الفنون  كان رحمه الله آية من آيات الله في المعقول و الفقه وكان أحفظ أهل زمانه وأعرفهم بالتاريخ والبيان والمنطق والكلام و الأصول و الحديث والتفسير متبحرا في العلوم كلها من معقول و منقول شديد العناية بالتحصيل قوي التحقيق حسن الإلقاء والتقرير معتنيا بالمطالعة والقراءة لا يمل ولا يضجر منصفا في البحث جنوحا للصواب إذا تعين ، صدوقا في النقل ثبتا قوي الإدراك ثابت الذهن صافي الفهم ذا خط رائق و أدب فائق خدم العلم عمره حتى صار شيخ الجماعة وكان يقول ان العلوم كلها نافعة فكان يبحث عنها كلها و يتعلمها حتى أنه تعلم لعبة الشطرنج فأتقنها وتلاحين عود الغناء فكان يحركه وبلغ الغاية العليا في علم العقائد و أما الأصول فذلك عشه فيه يدرج و يعرف كيف يدخل فيه و يخرج  و انفرد عن أهل زمانه بمعرفة تاريخ الملوك والسير و العلماء على طبقاتهم ومعرفة أيامهم و كانت معه حدة في بعض الأوقات تمنع المتعلم من مراجعته والإكثار من مباحثته و كان مولعا بأمثلة العامة خصوصا عامة الأندلس يستحسن لغتهم ولكنتهم ويثني عليهم وعلى بلادهم الجزيرة ويستحسنها و يتشوق إليها وكان يقال فيه أن فهمه لا يقبل الخطأ و له صناعة في التدريس يجيد ترتيب النقول ويتأنق في كيفية الإلقاء و كان من عُبّاد الله الصالحين لا يفتر عن قراءة القرآن إلا في زمن المطالعة أو التأليف أو الإقراء أو ضرورياته و كان أورع الناس في النقل كاد أن لا يفارق لسانه لا أدري أو حتى أنظر أو كلام يقرب من هذا و كان دمث الأخلاق ورقيق الحاشية متقشفا في الدنيا قانعا بما تيسر من المأكول و الملبس لا يحسن تدبير الدنيا و بالجملة فهو كما قال بعضهم آخر الناس بالمغرب و لم يكن مثله في الفنون بالمغرب ولا جاء بعده من يقربه في علومه . وفي كفاية المحتاج هو آخر فقهاء فاس لم يخلف بعده مثله . و قال في درة الحجال صارت الدنيا تصغر بين عيني كلما ذكرت أكل التراب للسانه والدود لبنانه . وما يوجد في بعض نسخ الكفاية من أنه كان ينبذ بالهنات لعله مدْخَل و مُلْحَق من وضع الحسدة وإلا فإمامته مشهورة وتلك الزيادة لا توجد في بعض النسخ العتيقة و ثناء سيدي أحمد بابا عليه شهير في غير ما كثير من تآليفه . أخد رحمه الله عن شيوخ وقته جميعا كاليسيتني و هو عمدته و سقين و ابن هارون و عبد الواحد الونشريسي و الزقاق وغيرهم ممن اشتملت عليه فهرسته و أخد عنه جماعة من المغاربة كالشيخ أبي المحاسن الفاسي وأخيه العارف بالله و ولده أبي العباس أحمد و أبي العباس ابن القاضي صاحب الجذوة و الدرة و غيرهما وغيرهم و ألف تآليف منها شرح المنهج المنتخب إلى قواعد المذهب و شرح ظريف لرجز الزقاق في الفقه و حاشية كبيرة على شرح الكبرى للسنوسي في العقائد و حاشية صغيرة عليه أيضا وشرحان على قصيدة سيدي أحمد ابن زكري في الكلام مطول و مختصر و فهرستان كبرى و صغرى و مراقي المجد في آيات السعد وغير ذلك . قال التجيبي وكان لا يقرأ فنا إلا أقراه إقراء من لا يعرف إلا ذلك الفن . ولد رحمه الله سنة ست و عشرين و تسعمائة . قال في مطبح النظر و دفن خارج باب الفتوح متصلا بقبر شيخه اليسيتني بمطرح الجنة .

 

bottom of page